فصل: سنة سبع وسبعين وأربعمئة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة سبع وسبعين وأربعمئة:

فيها سار سليمان بن قتلمش السلجوقي، صاحب قونية وأقصرى، بجيوشه إلى الشام، فأخذ أنطاكية، وكانت بيد النصارى، من مائة وعشرين سنة، وكان ملكها قد سار عنها إلى بلاد الروم، ورتّب بها نائباً فأساء إلى أهلها وإلى الجند في إقامته بها، فلما دخل الروم، اتفق ولده ولده والنائب المذكور، على تسليمها إلى صاحب قونية، سليمان فكاتبوه فأسرع في البحر، ثم طلع وسار إليها في جبال وعرة، فأتاها بغتةً ونصب السلالم ودخلها، وقتل جماعة، وعفا من الرعيّة، وأخذ منها أموالاً لا تحصى، ثم بعث إلى نسيبه السلطان ملكشاه يبشّره بالفتح، وكان صاحب الموصل مسلم، يأخذ القطيعة من أنطاكية، فطلب العادة من سليمان، فقال إنما كان ذلك المال جزية، وأنا بمحمد الله فمؤمن، فنهب مسلم بلاد أنطاكية، ثم تمت وقعة بين سليمان ومسلم، في صفر من العام الآتي، قتل فيها مسلم.
وفيها توفي إسماعيل بن مسعدة بن إسماعيل بن الإمام أبي بكر أحمد ابن إبراهيم الإسماعيلي الجرجاني، أبو القاسم، صدر عالم نبيل وافر الحشمة، له يدٌ في النظم والنثر. روى عن حمزة السهمي وجماعة، وعاش سبعين سنة، روى الكامل لابن عديّ.
وبيبى بنت عبد الصمد بن علي، أم الفضل، وأم عربي الهرثميّة الهرويّة، لها جزء مشهور بها، ترويه عن عبد الرحمن بن أبي شريح، توفيت في هذه السنة، أو في التي بعدها، وقد استكملت تسعين سنة.
وأبو سعد، عبد الله بن الإمام عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري، أكبر الأخوة، في ذي القعدة، وله أربع وستون سنة. روى عن القاضي أبي بكر الحيري وجماعة، وعاشت أمه فاطمة بنت أبي علي الدقاق بعده، أربعة أعوام.
وعبد الرحمن بن محمد بن عفيف البوشنجي كلام، آخر أصحاب عبد الرحمن بن أبي شريح الهروي موتاً، وهو من كبار شيوخ أبي الوقت.
وأبو نصر بن الصبّاغ، الفقيه عبد السيِّد بن محمد بن عبد الواحد البغدادي الشافعي، أحد الأئمة، ومؤلف الشامل كان نظيراً للشيخ أبي إسحاق ومنهم من يقدمه على أبي اسحاق في نقل المذهب وكان ثبتاً حجة ديّنا خيّراً، ولي النظامية بعد أبي إسحاق، ثم كفّ بصره. وروى عن محمد بن الحسين القطّان، وأبي علي بن شاذان، وكان مولده في سنة أربعمئة، توفي في جمادى الأولى، ببغداد، ودفن في داره.
وأبو علي الفارمذي، الفضل بن محمد الزاهد، شيخ خراسان: قال عبد الغافر: هو شيخ الشيوخ في عصره، المنفرد بطريقته في التذكير، التي لم يسبق إليها، في عبارته وتهذيبه وحسن آدابه ومليح استعارته ورقة ألفاظه. دخل نيسابور، وصحب القشيري، وأخذ في الاجتهاد البالغ. إلى أن قال: وحصل له عند نظام الملك قبول خارج عن الحدّ، روى عن أبي عبد الله بن باكويه وجماعة، وعاش سبعين سنة، توفي في ربيع الآخر.
ومحمد بن عمار، أبو بكر المهري، ذو الوزارتين، شاعر الأندلس، كان هو وابن زيدون القرطبي، كفرسي رهان، وكان ابن عمار قد اشتمل عليه المعتمد، وبلغ الغاية، إلى أن استوزره، ثم جعله نائباً على مرسية، فخرج عليه، ثم ظفر به المعتمد فقتله.
ومسعود بن ناصر السِّجزي، أبو سعيد الركّاب الحافظ، رحل وصنّف وحدّث عن أبي حسّان المزكّي، وعلي بن بشرى اللّيثي وطبقتهما، ورحل إلى بغداد وأصبهان. قال الدقاق: لم أر أجود إتقاناً، ولا أحسن ضبطاً منه، توفي بنيسابور، في جمادى الأولى.

.سنة ثمان وسبعين وأربعمئة:

فيها أخذ الأذفنش لعنه الله، مدينة طليلطلة، من الأندلس، بعد حصار سبع سنين، فطغى وتمرّد، وحملت إليه الضريبة، ملوك الأندلس، حتى المعتمد بن عبّاد، ثم استعان المعتمد على حربه، بالملَّثمين، وأدخلهم الأندلس.
وفيها قدم أمير الجيوش، فحاصر تتش بدمشق، فلم يقدر عليها، وردَّ.
وفيها ثارت الفتنة ببغداد، بين الرافضة والناس، واقتتلوا وأحرقت أماكن.
وفيها توفي أبو العباس العذري، أحمد بن عمر بن أنس بن دلهاث الأندلسي الدَّلائي- ودلاية من عمل المريّة- كان حافظاً محدّثاً متقناً، مات في شعبان وله خمس وثمانون سنة ثمان وأربعمئة مع أبويه فجاوزوا ثمانية أعوام، وصحب هو أباذرّ، فتخرَّج به، وروى عن أبي الحسن بن جهضم وطائفة، ومن جلالته، أن إمامي الأندلس: ابن عبد البرّ، وابن حزم، رويا عنه. وله كتاب دلائل النبوّة.
وأبو سعد المتولي، عبد الرحمن بن مأمون النيسابوري، شيخ الشافعية، وتلميذ القاضي حسين، وهو صاحب التتمة تمّم به الإبانة لشيخه أبي القاسم الفوراني، وقد درّس أياماً بالنظامية، بعد الشيخ أبي إسحاق، ثم صرف بابن الصبّاغ، ثم وليها بعد ابن الصباغ، ومات كهلاً.
وأبو معشر الطبري، عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري القطّان المقرئ، نزيل مكة، وصاحب كتاب التلخيص وغيره، قرأ بحرّان على أبي القاسم الزيدي، وبمكة على الكارزيني، وبمصر أيضاً على جماعة. وروى عن أبي عبد الله ابن نظيف، وجلس للإقراء مدة بمكة.
وإمام الحرمين، أبو المعالي الجويني، عبد الملك بن أبي محمد بن عبد الله بن يوسف، الفقيه الشافعي ضياء الدين، أحد الأئمة الأعلام، عاش ستين سنةً، وتفقّه على والده، وجور بمكة في شبيبته أربعة أعوام، ومن ثم قيل له إمام الحرمين، وكان من أذكياء العالم، وأحد أوعية العلم، توفي في ربيع الآخر بنيسابور، وكان له نحو من أربعمئة تلميذ، رحمه الله.
وأبو علي بن الوليد الكرخي، وله اثنتان وثمانون سنة، أخذ عن أبي الحسين البصري وغيره، وبه انحرف ابن عقيل عن السنّة قليلاً، وكان ذا زهد وورع وقناعة وتعبُّد، وله عدّة تصانيف، ولما افتقر، جعل ينقص داره، ويبيع خشبها، ويتقوّت به، وكانت من حسان الدور ببغداد.
وقاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني، محمد بن علي بن محمد الحنفي، تفقّه بخراسان ثم ببغداد، على القدوري، وسمع من الصوري وجماعة، وعاش ثمانين سنة. وكان نظير القاضي أبي يوسف، في الجاه والحشمة والسُّؤدد، وبقي في القضاء دهراً، ودفن في القبة، إلى جانب الإمام أبي حنيفة رحمهما الله.
ومسلم، الملك شرف الدولة، أبو المكارم بن الملك أبي المعالي، قريش بن بدران بن مقلَّد العقيلي، صاحب الجزيرة وحلب، وكان رافضياً، اتسعت ممالكه، ودانت له العرب، وطمع في الاستيلاء على بغداد، عند موت طغرلبك، وكان شجاعاً فاتكاً مهيباً، داهية ماكراً، التقى هو والملك سليمان بن قتلمش السلجوقي صاحب الروم على باب أنطاكية، فقتل في المصافّ.

.سنة تسع وسبعين وأربعمئة:

فيها التقي تتش- وسليمان بن قتلمش،فقتل سليمان،وسارتتش،فنازل حلب،وخافه أخوه تتش فهرب.
وفيها وقعة الزلاقة،وذلك أن الإّذقونش،جمع الجيوش،فاجتمع المعتمد،ويوسف بن تاشفين،،أمير المسلمين،والمطوّعة،فأتوا الزلاّقة، من عمل بطليوس، فالتقى الجمعان، فوقعت الهزيمة على الملاعين، وكانت ملحمة عظيمة، في أول جمعة من رمضان، وجرح المعتمد عدّة جراحات سليمة، وطابت الأندلس للملثّمين، فعمل أميرهم ابن تاشفين على تملكها.
وفيها لما افتتح ملكشاه حلب والجزيرة، قدم بغداد، وهو أول قدومه إليها، ثم خرج وتصيَّد، وعمل منارة القرون، من كثرة وحشٍ صاد، ثم ردّ إلى أصبهان، وزّوج أخته زليخا، محمد بن مسلم بن قريش العقيلي، وأقطعه الرَّحبة، وحرّان، والرَّقّة، وسروج.
وفيها أعيدت الخطبة العباسية بالحرمين وقطعت خطبة العبيديين.
وفيها توفي أبو سعد النيسابوري، شيخ الشيوخ ببغداد، أحمد بن محمد ابن دوست، وكان كثير الحرمة في الدولة، له رباط مشهور ومريدون، وكان نظام الملك يعظّمه.
وإسماعيل بن زاهر النوقاني النيسابوري الشافعي، أبو القاسم الفقيه، وله اثنتان وثمانون سنة. روى عن أبي الحسن العلوي، وعبد الله بن يوسف، وابن محمش وطائفة، ولقي ببغداد، أبا الحسين بن بشران وطبقته، وأملى وأفاد.
وطاهر بن محمد بن محمد، أبو عبد الرحمن الشَّحّامي المستملي، والد زاهر، روى عن أبي بكر الحيري وطائفة، وكان فقيهاً صالحاً، ومحدّثاً عارفاً، له بصر تام بالشروط، توفي في جمادى الآخرة، وله ثمانون سنة.
وأبو علي التستري، علي بن أحمد بن علي البصري السَّقطي، راوي السُّنن، عن أبي عمر الهاشمي.
وأبو الحسن علي بن فضّال المجاشعي القيرواني، صاحب المصنّفات في العربية والتفسير، توفي في شهر ربيع الأول، وكان من أوعية العلم، تنقل بخراسان، وصحب نظام الملك.
وأبو الفضل محمد بن عبيد الله الصَّرّام النيسابوري، الرجل الصالح.
روى عن أبي نعيم الإسفراييني، وأبي الحسن العلوي وطبقتهما. توفي في شعبان.
ومسند العراق، أبو نصر الزَّينبي، محمد بن محمد بن علي الهاشمي العباسي، آخر أصحاب المخلّص، ومحمد بن عمر الوراق، توفي في جمادى الآخرة، وله اثنتان وتسعون سنة وأربعة أشهر، وكان ثقة خيّراً.

.سنة ثمانين وأربعمئة:

480- فيها عرس المقتدي بالله على ابنة السلطان وكان وقتا مشهودا فأنفق فيه الخليفة أموالا كثيرة وخلع على سائر الأمراء ومد سماطا هائلا.
وفيها توفي مقرئ الأندلس عبد الله بن سهل الأنصاري المرسي أخذ القراءات عن أبي عمر الطلمنكي وأبي عبد الله محمد بن سفيان ومكي وجماعة.
وفاطمة بنت الشيخ أبي علي الحسن بن علي الدقاق الزاهدة زوجة القشيري وكانت كبيرة القدر عالية الإسناد من عوابد زمانها رحمها الله روت عن أبي نعيم الإسفراييني والعلوي والحاكم وطائفة وتوفيت في ذي القعدة عن تسعين سنة.
وفاطمة بنت الحسن بن علي الأقرع أم الفضل البغدادية الكاتبة التي جودوا على خطها وكانت تنقل طريقة ابن البواب، حكت أنها كتبت ورقة للوزير الكندري فأعطاها ألف دينار وقد روت عن أبي عمر بن مهدي الفارسي.
والسيد المرتضى ذو الشرفين أبو المعالي محمد بن محمد بن زيد العلوي الحسيني الحافظ قتله الخاقان بما وراء النهر مظلوما وله خمس وسبعون سنة روى عن أبي علي ابن شاذان وخلق وتخرج بالخطيب ولازمه وصنف التصانيف حدث بسمرقند وبأصبهان وبغداد وكان متمولا معظما وافر الحشمة، كان يفرق في العام نحو العشرة آلاف دينار ويقول هذه زكاة مالي.

.سنة إحدى وثمانين وأربعمئة:

فيها توفي أبو بكر الغورجي، أحمد بن عبد الصمد الهروي، راوي جامع الترمذي عن الجراحي في ذي الحجة.
وأبو إسحاق الطيّان، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني القفّال، صاحب إبراهيم بن خرشيذ قوله، في صفر.
وأبو إسماعيل الأنصاري شيخ الإسلام، عبد الله بن محمد بن علي بن مت الهروي الصوفي القدوة الحافظ، أحد الأعلام، في ذي الحجة، وله ثمانون سنة وأشهر، سمع من عبد الجبار الجراحي، وأبي منصور محمد بن محمد ابن الأزدي، وخلق كثير، وبنيسابور من أبي سعيد الصيرفي، وأحمد السليطي، صاحبي الأصم، وكان جذعاً في أعين المبتدعة، وسيفاً على الجهمية، وقد امتحن مرّات، وصنّف عدّة مصنفات، وكان شيخ خراسان في زمانه غير مدافع! وعثمان بن محمد بن عبيد الله المحمي، أبو عمر المزكّي، بنيسابور، في صفر. روى عن أبي نعيم الإسفراييني والحاكم.
وابن ماجة الأبهري، أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن الأصبهاني- وأبهر أصبهان قرية، وأما أبهر زنجان فمدينة- عاش خمساً وتسعين سنة، وتفرد في الدنيا بجزء لوين، عن ابن المرزبان الأبهري.

.سنة اثنتين وثمانين وأربعمئة:

فيها سار السلطان ملكشاه بجيوشه من أصبهان، وعبر النهر، فملك سمرقند بعد قتال وحصار، وسار نحو كاشغر، فدخل ملكها في الطاعة، فرجع إلى خراسان، ونكث أهل سمرقند، فكر راجعاً إلى سمرقند، وجرت أمور طويلة.
وفيها توفي أحمد بن محمد بن صاعد بن محمد، أبو نصر الحنفي، رئيس نيسابور وقاضيها وكبيرها. روى عن جدّه، والقاضي أبي بكر الحيري وطائفة.
وكان يقال له شيخ الإسلام، وكان مبالغاً في التعصب في المذهب، فأغرى بعضاً ببعض، حتى لعنت الخطباء أكثر الطوائف في دولة طغرلبك، فلما مات طغرلبك، خمد هذا ولزم بيته مدّة، ثم ولي القضاء.
وأبو إسحاق الحبّال، الحافظ إبراهيم بن سعيد النعماني مولاهم المصري، عن تسعين سنة، سمع أحمد بن ثرثال، والحافظ عبد الغني، ومنير بن أحمد وطبقتهم.
وكان يتّجر في الكتب، وكانت بنو عبيد قد منعوه من التحديث في أواخر عمره، وكان ثقة حجّة صالحاً ورعاً كبير القدر.
والحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن عثمان بن الوليد بن أبي الحديد، أبو عبد الله السلمي الدمشقي الخطيب، نائب الحكم بدمشق، روى عن عبد الرحمن بن الطبيز وطائفة، وعاش ستّاً وستين سنة.
والقاضي أبو منصور بن شكرويه، محمد بن أحمد بن علي الأصبهاني، توفي في شعبان، وله تسع وثمانون سنة، وهو آخر من روى عن أبي علي البغداديّ، وابن خرَّشيذ قوله، ورحل وأخذ بالبصرة، عن أبي عمر القاسمي بعض السنن أو كله، وفيه ضعف.
وأبو الخير، محمد بن أحمد بن عبد الله بن ورا الأصبهاني. روى عن عثمان البرجي وطبقته، وكان واعظاً زاهداً، أمَّ مدة بجامع أصبهان.
والطبسي، محمد بن أحمد بن أبي جعفر المحدّث، مؤلف كتاب بستان العارفين روى عن الحاكم وطائفة، توفي في رمضان، وكان صوفياً عابداً ثقة صاحب حديث.

.سنة ثلاث وثمانين وأربعمئة:

فيها كانت فتنة هائلة، لم يسمع بمثلها بين السنّة والرافضة، وقتل بينهم عدد كثير، وعجز والي البلد، واستظهرت السنَّة بكثرة من معهم من أعوان الخليفة، واستكانت الشّيعة وذلّوا، ولزموا التقيّة، وأجابوا إلى أن كتبوا على مساجد الكرخ: خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو بكر فاشتدّ البلاءُ على غوغائهم، وخرجوا عن عقولهم، واشتدّوا فنهبوا شارع ابن أبي عوف، ثم جرت أمور مزعجة، وعاد القتال، حتى بعث صدقة بن مزيد عسكراً تتبّعوا المفسدين، إلى أن فتر الشرّ قليلاً.
وفيها توفي خواهرزاده الحنفي، شيخ الطائفة بما وراء النهر، وهو أبو بكر بن محمد بن الحسين البخاري القديدي، روى عن منصور الكاغدي وطائفة، وبرع في المذهب، وفاق الأقران، وطريقته أبسسط الأصحاب وكان يحفظها، توفي في جمادى الأولى ببخارى.
وعاصم بن الحسن، أبو الحسين العاصمي الكرخي الشاعر المشهور.
روى عن ابن المتيم، وأبي عمر بن مهدي، وكان شاعراً محسناً ظريفاً، صاحب ملح ونوادر، مع الصلاح والعفّة والصدق، مرض في أواخر عمره، فغسل ديوان شعره، ومات في جمادى الآخرة، عن ستٍ وثمانين سنة.
وأبو نصر الترياقي، عبد العزيز بن محمد الهروي، راوي التّرمذي، سوى آخر جزء منه، عن الجرَّاحي، ثقة أديب، عاش أربعاً وتسعين سنة.
وترياق من قرى هراة.
والتَّفليسي، أبو بكر محمد بن إسماعيل بن بن محمد النيسابوري المولد، الصوفي المقرئ، روى عن حمزة المهلَّبي، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني وطائفة، ومات في شوال.
ومحمد بن ثابت الخجندي، العلامة أبو بكر الشافعي الواعظ، نزيل أصبهان، ومدرّس نظاميتها، وشيخ الشافعية بها ورئيسها، وكان إليه المنتهى في الوعظ، توفي في ذي القعدة.
وأبو نصر محمد بن سهل السرّاج الشاذياخي، آخر أصحاب أبي نعيم عبد الملك الإسفراييني، روى عن جماعة، وكان ظريفاً نظيفاً لطيفاً، توفي في صفر، عن تسعين سنة.
وأبو الغنائم بن أبي عثمان محمد بن علي بن حسن الدقاق، بغدادي متميز صدوق. روى عن أبي عمر بن مهدي وجماعة.
وفخر الدولة بن جهير الوزير، أبو نصر محمد بن محمد بن جهير التغلبي، ولي نظر حلب ثم وزر لصاحب ميّافارقين، ثم وزر للقائم بأمر الله مدّة، ثم ولاّه ملكشاه نيابة ديار بكر، توفي بالموصل، في ثامن صفر، وكان من رجال العالم ودهاة بني آدم.

.سنة أربع وثمانين وأربعمئة:

فيها استولى يوسف بن تاشفين أمير المسلمين على الأندلس، وقبض على المعتمد بن عبّاد، وأخذ كل شيء يملكه، وترك أولاده فقراء.
وفيها استولت الفرنج على جزيرة صقلِّيّة.
وفيها توفي أبو الحسن أحمد بن عبد الرحمن الذكواني الأصبهاني، يوم عرفة، وله تسعون سنة. روى عن جدّه أبي بكر بن أبي علي، وعثمان البرجي وطبقتهما، وكان ثقة.
وأبو الحسن طاهر بن مفوّز المعافري الشاطبي، تلميذ أبي مر بن عبد البرّ وكان من أئمة هذا الشأن، مع الورع والتقى والاستبحار في العلم، توفي في شعبان، وله خمس وخمسون سنة، وكان أخوه عبد الله، زاهداً أهل الأندلس.
وعبد الملك بن علي بن شغبة، أبو القاسم الأنصاري البصري الحافظ الزاهد، استشهد بالبصرة، وكان يروي جملة من سنن أبي داود، عن أبي عمر الهاشمي أملى عدّة مجالس، وكان من العبادة والخشوع بمحل.
وأبو نصر الكركانجي، محمد بن أحمد بن علي، شيخ المقرئين لمرو، ومسند الآفاق، في ذي الحجة، وله أربع وتسعون سنة، وكان إماماً في علوم القرآن، كثير التصانيف، متين الديانة، انتهى إليه على الإسناد. قرأ ببغداد على أبي الحسن الحمَّامي، وبحرَّان على الشريف الزيدي، وبمصر على إسماعيل بن عمر الحداد، وبدمشق والموصل وخراسان.
وفيها حدَّث أبو منصور المقوِّمي، محمد بن الحسين بن أحمد بن الهيثم القزويني، راوي سنن ابن ماجة، عن القاسم بن أبي المنذر، توفي فيها أو بعدها، عن بضع وثمانين سنة.
وفي رجب قاضي القضاة، أبو بكر النَّاصحي، محمد بن عبد الله بن الحسين النيسابوري، روى عن أبي بكر الحيري وجماعة. قال عبد الغافر: هو أفضل عصره في أصحاب أبي حنيفة، وأعرفهم بالمذهب، وأوجههم في المناظرة، مع حظ وافر من الأدب والطبّ ولم تحمد سيرته في القضاء.
والمعتصم محمد بن معن بن محمد بن أحمد بن صمادح، أبو يحيى التجيبي الأندلسي، صاحب المريَّة، توفي وجيش ابن تاشفين، محاصرون له.

.سنة خمس وثمانين وأربعمئة:

فيها وقة جيَّان بالأندلس، أقبل الإذفونش في جموع عظيمة، فالتقاه المسلمون فانهزموا. ثم تراجع الناس وثبتوا ونزل النصر، فانزم الملاعين. وقتل منهم خلق عظيم، وكان ملحمةً كبرى.
وفي عاشر رمضان قتل نظام الملك.
وفيها أخذت خفاجة ركب العراق، وكان الحريق العظيم ببغداد، فاحترق من الناس عدد كثير، واحترق عدة أسواق كبار، من الظهر إلى العصر.
وفيها توفي أبو الفضل، جعفر بن يحيى الحكّاك، محدّث مكة، وكان متقناً، حجّة صالحاً. روى عن أبي ذرّ الهروي وطائفة، وعاش سبعين سنة.
ونظام الملك، الوزير أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي، قوام الدين، كان من جلَّة الوزراء، ذكره أبو سعد السمعاني فقال: كعبة المجد، ومنبع الجود، كان مجلسه عامراً بالقرّاء والفقهاء، أنشأ المدارس بالأمصار، ورغب في العلم، وأملى وحدَّث، وعاش ثمانياً وسبعين سنة، أتاه شاب صوفيّ الشكل من الباطنية، ليلة عاشر رمضان، فناوله قصّة، ثم ضربه بسكين في صدره، قضى عليه، فيقال إنّ ملكشاه، دسّ عليه هذا، فالله أعلم.
وأبو عبد الله بن المرابط، قاضي المريّة وعالمها محمد بن خلف بن سعيد الأندلسي، روى عن المهلَّب بن أبي صفرة وجماعة، وصنّف شرحاً للبخاري، وكان رأساً في مذهب مالك، ارتحل الناس إليه، وتوفي في شوال.
وأبو بكر الشاشي، محمد بن علي بن حامد الفقيه، شيخ الشافعية،
وصاحب الطريقة المشهورة، والمصنفات المليحة، درّس مدّة بغزنة ثم بهراة ونيسابور، وحدَّث عن منصور الكاغدي، وتفقه ببلاده على أبي بكر السنجي، وعاش نيّفا وتسعين سنة. توفي بهراة.
ومحمد بن عيسى بن فرج، أبو عبد الله التجيبي المغامي الطليطلي، مقرئ الأندلس، أخذ عن أبي عمرو الدَّاني، ومكّي بن أبي طالب وجماعة. أقرأ الناس مدّة.
وأبو عبد الله البانياسي، مالك بن أحمد بن علي بن الفرّاء البغدادي واحترق في الحريق الذكور في جمادى الآخرة، له سبع وثمانون سنة، وهو آخر من حدَّث عن أبي الحسن بن الصلت المجبر، وسمع من جماعة.
والسلطان ملكشاه، أبو الفتح جلال الدولة بن السلطان ألب أرسلان محمد ابن داود السلجوقي التركي، تملك بلاد ما وراء النهر، وبلاد الهياطلة، وبلاد الروم، والجزيرة، والشام، والعراق، وخراسان، وغير ذلك. قال بعض المؤرخين: ملك من مدينة كاشغر الترك، إلى بيت المقدس طولاً، ومن القسطنطينية وبلاد الخزر، إلى بحر الهند عرضاً، وكان حسن السيرة، محسناً إلى الرعية، وكانوا يلقّبونه بالسلطان العادل، وكان ذا غرامٍ بالعمائر وبالصيد، مات في شوال، بعد وزيره النظام بشهر، فقيل إنه سم في في خلال، ونقل في تابوت، فدفن بأصبهان، في مدرسة كبيرة له.

.سنة ست وثمانين وأربعمئة:

لما علم تتش بدمشق موت أخيه، أنفق الأموال، وتوجّه ليأخذ السلطنة، فسار معه من حلب، قسيم الدولة، آقسنقر، ودخل في طاعته باغبسان صاحب أنطاكية وبوزان صاحب الرُّها وحرَّان، ثم سار فأخذ الرَّحبة، في أول سنة ستّ، ثم نازل نصيبين، فأخذها عنوة، وقتل بها خلقاً ثم سار إلى الموصل، فالتقاه إبراهيم بن قريش العقيلي، في ثلاثين ألفاً، وتعرف بوقعة المضيع، فانهزموا وأسر إبراهيم، فقتله صبراً، وأقرَّ أخاه علياً على الموصل، لأنه ابن عمة تتش، ثم أرسل إلى بغداد يطلب تقليداً، وساعده كوهرابين، ثم سار فتملّك ميّافارقين، وديار بكر، وقصد أذربيجان، فغلب على بعضها، فبادر السلطان بركياروق بن ملكشاه، ليدفع عمه تتش، فلما تقارب العسكران، قال قسيم الدولة آقسنقر لبوزان: إنما أطعنا هذا الرجل لننظر ما يكون من أولاد السلطان، والآن فقد قام ابنه هذا، فينبغي أن نكون معه على تتش فخامرا إليه، فضعف تتش، وردّ إلى الشام.
ولم يحجّ ركب العراق، وحجّ ركب الشام، فنهبهم صاحب مكة، محمد بن أبي هاشم، ونهبتهم العربان عشر مرات، وتوصّل من سلم في حال عجيبة.
ودخل السلطان بركياروق بغداد.
وفيها توفي حمد بن أحمد بن الحسن، أبو الفضل الأصبهاني الحداد، روى ببغداد وأصبهان عن علي بن ماشاذه، وعلي بن عبد كويه وطائفة،وروى الحلية ببغداد، توفي في جمادى الأولى.
وسليمان بن إبراهيم الحافظ، أبو مسعود الأصبهاني. قال السمعاني: جمع وصنَّف وخرَّج على الصحيحين، وروى عن محمد بن إبراهيم الجرجاني، وأبي بكر بن مردويه وخلق، ولقي ببغداد أبا بكر المنقِّي وطبقته، وقد تكلِّم فيه، توفي في ذي القعدة، عن تسع وثمانين سنة وشهر ين.
وأبو الفضل الدقاق، عبد الله بن علي بن أحمد بن محمد بن ذكرى البغدادي الكاتب، روى عن أبي الحسين بن بشران وغيره، وكان صالحاً ثقة.
والشيخ أبو الفرج الشيرازي الحنبلي، عبد الواحد بن علي الواعظ الفقيه القدوة، سمع بدمشق من أبي الحسن بن السمسار، وأبي عثمان الصابوني، وتفقه ببغداد زماناً، على القاضي أبي يعلى، ونشر بالشام مذهب أحمد، وتخرّج به الأصحاب، وكان إماماً عارفاً بالفقه والأصول، صاحب حال وعبادة وتألّهٍ، وكان تتش صاحب الشام يعظّمه، لأنه كاشفه مرّة، توفي في ذي الحجة، وفي ذريته مدرسون وعلماء.
وأبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد العلاف البغدادي، الرجل الصالح. روى عن أبي الفتح بن أبي الفوارس، وأبي الفرج الغوري، وبه ختم حديثهما، وكان ثقةً مأموناً خيّراً.
وشيخ الإسلام الهكَّاري، أبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف الأموي، من ذرية عتبة بن أبي سفيان بن حرب، وكان صالحاً زاهداً ربانياً، ذا وقارٍ وهيبة وأتباع ومريدين، رحل في الحديث، وسمع من أبي عبد الله بن نظيف الفرّاء، وأبي القاسم بن بشران وطائفة. قال ابن ناصر: توفي في أوّل السنة، وقال ابن عساكر: لم يكن موثَّقاً في راويته.
قلت: ولد سنة تسع وأربعمئة.
وأبو الحسن الأنباري، علي بن محمد بن محمد بن الأخضر الخطيب، في شوال، عن أربع وتسعين سنة. وكان آخر من حدَّث عن أبي أحمد الفرضي، وسمع أيضاً من أبي عمر بن مهدي وطائفة، وتفقه لأبي حنيفة، وكان ثقة نبيلاً، عالي الإسناد.
وأبو المظفَّر موسى بن عمران الأنصاري النيسابوري، مسند خراسان، في ربيع الأول، وله ثمان وتسعون سنة، روى عن أبي الحسن العلوي والحاكم، وكان من كبار الصوفية.
وأبو الفتح نصر بن الحسن التنكتي الشاشي، نزيل سمرقند، وله ثمانون سنة. روى صحيح مسلم عن عبد الغافر، وسمع بمصر من الطفَّال وجماعة، ودخل الأندلس للتجارة، فحدّث بها، وكان ثقة.
وهبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، أبو القاسم الحافظ محدّث جوّال، سمع بخراسان والعراق وفارس واليمن ومصر والشام، وحدَّث عن أحمد ابن عبد الباقي بن طوق، وأبي جعفر بن المسلمة وطبقتهما، ومات كهلاً، وكان صوفياً صالحاً متقشفاً.